ابن الهيثم
هو محمد بن الحسن بن الهيثم البصري أبو علي . من أعاظم علماء العرب في الهندسة والعلوم الطبيعية . كان يلقب ببطليموس الثاني ، ويعرف عند الأوروبيين باسم (al hazem) يقول (بيير روسو p.rousseau) في كتابة (تاريخ العلم) : إنه أعظم فيزيائي عربي .
بلغ خبره الحاكم بأمر الله الفاطمي الفاطمي وقوله : لو كنت بمصر لعملت لنيلها عملا يحصل النفع في كل حالة من حالاته من زيادة ونقصان . دعاه الحاكم ، فقدم إلى مصر ودرس أحوال النيل وذهب حتى بلغ الموضع المعروف بالجنادل ، شمال مدينة أسوان ، وهو موضع مرتفع ينحدر منه ماء النيل واختبره من جانبيه فوجد أمره صعب التحقيق ، وقد تحقق ما تصور صعوبته وتذلل بعد ألف عام بإقامة السد العالي . اعتذر للحاكم بما لم يقنعه وخاف على نفسه من انتقامه ، لما رآه من سفكه الدماء ، فتظاهر بالجنون والخبل ، ولم يزل على تلك الحالة حتى مات الحاكم فأظهر العقل وعاد سيرته الأولى ، إلى أن توفي عن 77 عاما .
نزل مدة إقامته في مصر في الجامع الأزهر وكان يكتب كتب اقليدس المهندس وكتاب المجسطي (المنطق) لبطليموس ، ويبيع هذه الكتب ويقتات بثمنها . ظهر فضله في علم البصريات (الضوء) ووصفته دائرة المعارف البريطانية بأنه رائد علم البصريات بعد بطليموس ، وقد بنى (روجر بيكون) مؤلفه في البصريات على كتاب (المناظر) لابن الهيثم ، ويقول عنه (سارتون) إنه أعظم عالم ظهر عند العرب في علم الطبيعة ، بل إنه أعظم علماء الطبيعة في القرون الوسطى .
وتقول المستشرقة الألمانية ز. هونكه في كتابها (شمس العرب تسطع على الغرب) : إن روجر بيكون وليونار دافنشي وغاليلوا ليسوا هم الذين أسسوا البحث العلمي إنما السباقون في هذا كانوا العرب ، والذي حققه ابن الهيثم هو علم الطبيعة الحديث بنقل التأمل النظري والتجربة الدقيقة .
ألف ابن الهيثم كتبا كثيرة منها : كتاب المناظر ، وهو أكثر الكتب القديمة استيفاء لبحث الضوء وأرفعها قدرا ، لا يقل مادة وتبويبا عن الكتب الحديثة العالية إن لم يفقها في موضوعات انكسار الضوء وتشريح العين وكيفية تكوين الصور على شبكة العين ، ووضع لأقسامها أسماء أخذها عنه الطب الغربي ، وقد جعل من علم البصريات علما مستقلا له اسمه وقوانينه ، وقد شرح الغربيون كتابه وعلقوا عليه كثيرا ونشرت له رسالة في الضوء بألمانيا سنة 1882 م باعتناء الأستاذ (ج.ب.ارمان Arman) . ويرى الكثير من الباحثين أن أبحاث ابن الهيثم في الضوء قد مهدت السبيل لاستعمال العدسات في إصلاح عيوب الرؤية في العين .
ومن كتبه أيضا شرح أصول اقليدس في الهندسة والعدد ، وكتاب الجامع في أصول الحساب ، وكتاب تهذيب المجسطي ، ورسالة في الأخلاق وكتاب في حساب المعاملات ، وتحليل المسائل الهندسية ، والتحليل والتركيب ، إلى غير ذلك من الكتب . مات فقيرا معدما لم يترك وراءه مالا ولكنه ترك للعالم كله إرثا عظيما أفاد منه من أتى بعده من العلماء . في تاريخ وفاته خلاف ، فالبعض يجعله سنة 431 هـ والبعض يجعله سنة 329 هـ .